فصل: تفسير الآية رقم (18):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير التستري



.تفسير الآية رقم (18):

{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)}
قوله: {شَهِدَ اللَّهُ} [18] قال: أي علم اللّه وبيّن {أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ} [18] شهد لنفسه بنفسه، وهو خاص لذاته واستشهد من استشهد من خلقه قبل خلقهم بعلمه، فنبه به أهل معرفته أنه عالم بما يكون قبل كونه، وأن حقيقة التوحيد ما كان بدون الأكوان، كما شهد به الحق لنفسه بنفسه قبل الأكوان. وقال عبد الواحد: كنت مع أيوب السختياني فرأى حمالا يحمل الحطب، فقلت: هل لك برب؟ فقال: أمثلي يسأل عن ربه. فقلت له: إن كان لك خالق كما تزعم، فلم اشتغلت بالحطب؟ فأشار الرجل إلى السماء، فصار الحطب ذهبا، فتعجبنا منه لذلك، ثم قال: اللهم لا حاجة لي إلى هذا، فتحول الذهب حطبا كما كان، فقلنا له: ما حملك على هذا؟ فقال: لأني عبد، فأحمل هذا كي لا أنسى نفسي.

.تفسير الآية رقم (26):

{قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)}
قوله: {قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ} [26] يعني المعرفة والتوحيد وشرائع دينك الإسلام والعاقبة المحمودة، وهو أن يتولى اللّه العبد ولا يكله إلى نفسه. قوله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [103] أي تمسكوا بعهده وهو التوحيد، كما قال تعالى: {أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً} [مريم: 78] أي توحيدا وتمسكوا بما ملككم من تأدية فرضه وسنة نبيه، وكذلك قوله: {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ} [112] معناه إلّا بعهد من اللّه ودينه، وإنما سماه حبلا لأنه من تمسك به توصل إلى الأمر الذي يؤمنه.

.تفسير الآية رقم (28):

{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)}
قوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [28] قال: أي عدله، لأن النار عدله لمن خالفه، والجنة فضله لمن أطاعه، ألا ترون إلى قوله عليه الصلاة والسلام: «يا من لا يرجى إلّا فضله ولا يخشى إلّا عدله».

.تفسير الآية رقم (35):

{إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)}
قوله: {قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً} [35] أي حررته وأعتقته من رق الدنيا من متابعة هواه ومرادات نفسه، وجعلته خادما لعباد بيت المقدس خالصا للّه تعالى.

.تفسير الآية رقم (37):

{فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (37)}
{فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ} [37] أي وقال: الملك الأعلى أولى بالمحرر عن رقّ النفس ورقّ الدنيا. {وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً} [37] قال: بالعمل الصالح في ذكر اللّه تعالى وجوارحها في خدمة اللّه وقلبها في معرفة اللّه عزّ وجلّ.

.تفسير الآية رقم (43):

{يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)}
{يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ} [43] أي للّه فصلي، وإياه بالإخلاص فاعبدي، وإليه بالدعاء فاقنتي وتضرعي.

.تفسير الآية رقم (47):

{قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)}
قوله: {كَذلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [47] قال: إذا كان في علمه السابق الأزلي أمر فأراد إظهاره قال له كن فيكون، قال القائل شعر: [من الطويل ].
قضى قبل خلق الخلق ما هو خالق ** خلائق لا يخفى عليه أمورها

هواها ونجواها ومضمر قلبها ** وقبل الهوى ما ذا يكون ضميرها

.تفسير الآية رقم (61):

{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (61)}
قوله: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ} [61] أي يدعو بعضنا على بعض باللعنة والمبتهل الداعي، والابتهال الدعاء، والمسبح الذاكر، وهو الذي لا تكتبه إلّا الحفظة لأنه مشاهدة المذكور في الذكر بالمذكور وهو معنى قوله: «أنا جليس من ذكرني وحيثما التمسني عبدي وجدني».

.تفسير الآية رقم (64):

{قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)}
قوله: {قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} [64] يعني إلى طمع عدل بيننا وبينكم، لأنهم كانوا مقرين بأن خالقهم وخالق السماوات والأرض هو اللّه تعالى، فنوحده ولا نعبد إلّا إياه. وأصل العبادة: التوحيد مع أكل الحلال وكف الأذى، ولا يحصل الأكل الحلال إلّا بكف الأذى، ولا كف الأذى إلّا بأكل الحلال، وأن تعلموا أكل الحلال وترك أذى الخلق والنية في الأعمال كما تعلموا فاتحة الكتاب، ليصفوا إيمانكم وقلوبكم وجوارحكم، فإنما هي الأصول. قال: حكى محمد بن سوار عن الثوري أنه قال: منزلة لا إله إلّا اللّه في العبد بمنزلة الماء في الدنيا، قال اللّه تعالى: {وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30] فمن لم ينفعه اعتقاد لا إله إلّا اللّه والاقتداء بسنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فهو ميت. قال سهل: وإني لأعرف رجلا من أولياء اللّه تعالى اجتاز برجل مصلوب وجهه إلى غير القبلة، فقال: أين ذلك اللسان الذي كنت تقول به صادقا: «لا إله إلّا اللّه»، ثم قال: اللهم هب لي ذنبه. قال سهل: فاستدار نحو القبلة بقدرة اللّه.

.تفسير الآيات (72- 73):

{وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (73)}
قوله: {وَجْهَ النَّهارِ} [72] أي أول النهار. قوله: {وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ} [73] أي كثير العطاء يقدر بقدرته الأزلية أن يعطي جميع ما يسأل، وهو المحيط بكل شيء، كما قال: {وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} [طه: 98].

.تفسير الآية رقم (79):

{ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)}
وسئل عن قوله: {وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [79] قال محمد بن سوار: الربّاني الذي لا يختار على ربه أحدا سواه، وهو اسم مشتق من الربوبية. وقال سهل: الربانيون هم العالمون في الدرجة من العلم بالعلم. كما قال محمد بن الحنفية، لما مات عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما: لقد مات هذا اليوم رباني هذه الأمة.
وإنما نسب إلى الرب لأنه عالم من علمه. كما قال: {مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم: 3]، فنسبه إلى النبوة بما علمه اللّه عزّ وجلّ. وكل من أنبأك بخبر موافق للكتاب والسنة فهو منبئ. والعلماء ثلاث: رباني ونوراني وذاتي بلا واسطة بينه وبين اللّه تعالى فيه بقية من اللّه عزّ وجلّ. وقال عمر بن واصل: الربانيون هم المجموعون من العلماء، كما قال علي رضي اللّه عنه: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق.

.تفسير الآية رقم (85):

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (85)}
قوله: {
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً} [85] قال: الإسلام هو التفويض كقوله: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [102] أي مفوضون وكذلك قوله: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ} [19].

.تفسير الآية رقم (92):

{لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)}
وسئل عن قوله: {لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [92] أي لن تبلغوا التقوى كلها حتى تحاربوا أنفسكم، فتنفقوا بعض ما تحبون، ولا إنفاق كإنفاق النفس في مخالفتها وطلب مرضاة اللّه عزّ وجلّ. وحكي عن عيسى عليه السلام مر بثلاثة نفر نحلت أبدانهم وتغيرت ألوانهم، فقال: ما الذي بلغ بكم ما أرى؟ فقالوا: الخوف من خالقنا، والحذر من عقوبة عصياننا فقال: حق على اللّه أن يؤمن الخائف. قال: فجاوزهم إلى ثلاثة هم أشد نحولا، فقال: ما الذي بلغ بكم ما أرى؟ فقالوا: الشوق إلى ربنا. فقال: حق على اللّه أن يعطيكم ما رجوتم. فجاوزهم إلى ثلاثة نفر هم أشد نحولا، كأن وجوههم البدور، قال: ما الذي بلغ بكم ما أرى؟ فقالوا: الحب قال: أنتم المقربون ثلاثا، فمن أحب اللّه تعالى فهو المقرب، لأن من أحب شيئا تسارع إليه، فالمرتبة الأولى مرتبة التوابين، والمرتبة الثانية مرتبة المشتاقين، ثم يبلغ العبد المرتبة الثالثة، وهي المحبة، ألا ترون أنهم كيف اتفقوا كلهم فيمن الكل له، وأعرضوا عن الكل إلى من له الكل؟.

.تفسير الآية رقم (96):

{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ (96)}
وقوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً} [96] أي أول بيت وضع للناس بيت اللّه عزّ وجلّ بمكة هذا هو الظاهر، وباطنها الرسول يؤمن به من أثبت اللّه في قلبه التوحيد من الناس.

.تفسير الآية رقم (106):

{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)}
قوله: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ} [106] يعني تبيض وجوه المؤمنين بنور إيمانهم، {وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [106] الكافرين بظلم كفرهم. وسئل عن قوله: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة: 61] فقال: هذه الأجسام الغرض منها ما أودع اللّه فيها من الودائع، ابتلى اللّه الخليقة بها، فمنها ما هو اعتبار للطائعين وهو الكفر، ومنها ما هو حجة على الغافلين، وهو المعرفة والتصديق في الأقوال والأفعال، كما قال: {وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: 1] فباطن هذه الآية: النور العلم، والظلمات الجهل، لقوله: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] أي ما يستبصر به القلب الإيمان باللّه، فنور الإيمان من أعظم منن اللّه عزّ وجلّ وكراماته. والثاني الطيب من القول، وهو قوله تعالى: {تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ} [64] الآية.
والثالث إطاعة بالجوارح خالصا للّه، من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والقنوع والرضا، فدعاهم بذلك إلى أطيب القول وأحسن الفعال، ولو لم يكن الإيمان باللّه والقرآن الذي هو علم اللّه فيه الدعوة إلى الإقرار بالربوبية والتعبد إياه في الفزع، لم تعرف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من أجابهم من الخلق.

.تفسير الآية رقم (141):

{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ (141)}
قوله: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [141] يعني تخليصهم من عيوب الذنوب، كما أخلصوا له بالعمل، وهو الجهاد في سبيل اللّه، {وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ} [141] أي وليهلك الكافرين بالذنوب عن الابتلاء.

.تفسير الآية رقم (152):

{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)}
قوله: {وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ} [149] يعني الفئة المنهزمة يوم أحد حين لم يستأصلهم جميعا. {وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [152] بالعفو عنهم وقبول التوبة منهم.